تطوير الذات، بناء المهارات، التخلص من العادات السيئة، التغيير الإيجابي وغيرها الكثير من العناوين التي نصرف عليها الكثير من المال من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات وشراء الكتب وغيرها من البرامج، بدافع التغيير إلى الأفضل والأجمل والأحسن وتحقيق الشعور بالرضى.
ولكن التغيير الإيجابي لن يحصل إلا بالإرادة القوية والرغبة الصادقة، مهما أنفقنا من المال في دورات تطوير الذات؛ فالتغيير الحقيقي نابع من داخل الإنسان نفسه، قال تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
العادات السلبية والسيئة التي ننشد تغييرها أصبح لها مع الزمن سلطان على النفوس وسيطرة على العقول وهيمنة على القلوب، وبالتالي التخلص منها يحتاج إلى قدرات وإمكانيات ووقت طويل وثقيل لتعديلها وتصويبها. وغالباً ما يكون التأجيل والتسويف في مواجهتها ومجابهتها الحل الأسهل لخطة التغيير الإيجابي والتطوير المنشود!.
ولكن -سبحان الله- كل هذه التحديات تتلاشى بدخول شهر رمضان المبارك، وكأننا مبرمجون على التغيير للأفضل، حيث يحل التغيير بلا تخطيط وترتفع الإرادة وتتقدم العزيمة وتختفي الكثير من الممارسات السلبية والسيئة، ويحل محلها عادات إيجابية. مثلاً، قراءة القرآن الكريم أخذت جزءاً كبيراً من وقت تصفح الواتس آب وشبكات التواصل الاجتماعي، إدارة الغضب والانفعال وحفظ اللسان بـ"اللهم إني صائم"، إعادة جسور التواصل مع الأهل والأقارب، وانتهاءً بقيادة السيارة من قيادة متوترة ومتهورة إلى قيادة هادئة وسليمة.
ظاهرة التغيير الإيجابي -بلا شك- دليل على الوعي المجتمعي، وحالة نضج عالية، فشهر رمضان المبارك فرصة ذهبية وثمينة للتغيير والتقويم والتهذيب النفسي والسلوكي، لذا دعونا نستفيد من هذه البرمجة الرمضانية الفريدة، ويكون رمضان بداية الانطلاقة المستمرة للتغيير للأفضل، وبالتالي نوفر على أنفسنا المال الذي ننفقه طوال العام لتطوير الذات.
ولعلنا نختم بهذا الدعاء "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال".