جربوا الحياة في
صفحة 1 من اصل 1
جربوا الحياة في
وددتُ أن أعيش التجربة التي دُشنت في الرياض بأحد المطاعم، والمتمثلة بتنظيم عشاء في الظلام لمن يبصرون النور، وهي تجربة بدأت في برلين ولندن ثم دبي ومنها إلى الرياض، في مبادرة تدعم فاقدي البصر. والذين شاركوا بالتجربة لا يرون نقطة ضوء واحدة داخل المطعم وهم يتناولون عشاءهم، حتى هواتفهم لا يحملونها كي لا تضيء بقعة داخل الظلام، وعاش كل واحد منهم ساعة ونصف الساعة كفاقد لبصره، يتحسس مقعده وملعقته ومكان طبقه في حين تنعدم رؤية مظاهر الأشياء، الأمر الذي جعل الحواس مستنفرة، التذوق حين يتناول طعاما لا يراه، والسمع مُجيش لالتقاط ما قد يخشاه، فيما هؤلاء يقودهم مجموعة من الشباب الذين تدربوا مهنيا وتميزوا في أداء عملهم من فاقدي البصر، حيث يعمل كل واحد منهم نادلا ومرشدا لمن يمتلكون حاسة البصر خلال تناولهم العشاء في ظلام لا يعرف أسراره جيدا سواهم، هكذا يتم تبادل الأدوار، كما ظهر في تقرير جميل للزميل عبدالإله الخليفي على قناة العربية، ونشرت عنه بعض الصحف.[/size]
وبصدق، هذه التجربة لها من الأثر الكبير على من يعيشها، فهو أولا سيدرك نعمة البصر التي أنعم بها الله تعالى عليه، لكن في ذات الوقت سيدرك جيدا أن من فقد بصره لديه من المهارة والبصيرة والفطنة التي لا يمتلكها هو رغم بصره، وهذا برأيي الهدف الأهم في هذه التجربة، ففقدان البصر لمن يرون أنه إعاقة إنما يحشد القدرة والكفاءة لاستشعار ما لا نستشعره نحن المبصرون للنور، فكلّ الألوان والأشكال والأحجام وسمات الجمال والقبح تتساوى في الظلام تماما، وتفقد امتيازاتها الشكلية تأثيرها على تقييم الأشياء ليتبقى منها الجانب الروحي لا المادي، ففي الظلام لا يتبقى سوى معنى الشيء والذي يُكتسب من إحساس الإنسان بأرواح الأشياء لا بمظهرها المادي، هذا ما يُمكن تسميته بـ"البصيرة ". وأعتقد أن كثيرين سمعوا بهذه الكلمة ولا يدركون جوهرها المتمثل بـ "قوة الإدراك والفطنة لمعاني الأشياء الباطنة"، وهذه الميزة يُدركها فاقدو البصر، فهم يرون نورا يفتقده كثيرون من المُبصرين ممن يعيشون حياة مضيئة لكنهم لا يرون سوى الظلام.
وبعيدا عن التعقيد، ففاقدو البصر حقا لا يرون النور، لكن قلوبهم تراه وتستشعره في كنه المحيط بهم وتفاصيله، فيما لا يعرف ذلك كثيرون ممن يمتلكون البصر، لأنهم يقعون تحت تأثير المظاهر الخارجية التي قد تلوث رؤيتهم لمعاني الأشياء، خاصة حين يتم تأجير العقل أو تعطيله فيموت القلب، ألم يقل الله تعالى: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
وبصدق، من يرغب في إدراك ما أقوله هنا، فليفعل كما أفعل أحيانا قليلة، آخذ من وقتي نصف ساعة إلى ساعة تقريبا في مكتبي "البيتوتي" في الظلام، رابطة على عيني بقطعة قماش سوداء، ومع قهوتي وقطعة شوكولاته أحاول تأمل ما لا يُرى في الضوء، وستجدون أن طعم القهوة وقطعة الشوكولاته وكل التفاصيل حولكم قد اختلفت، بمعنى أوضح محاولة إحياء القلب للإحساس بروح الأشياء التي أفسد الضوء معناها
وبصدق، هذه التجربة لها من الأثر الكبير على من يعيشها، فهو أولا سيدرك نعمة البصر التي أنعم بها الله تعالى عليه، لكن في ذات الوقت سيدرك جيدا أن من فقد بصره لديه من المهارة والبصيرة والفطنة التي لا يمتلكها هو رغم بصره، وهذا برأيي الهدف الأهم في هذه التجربة، ففقدان البصر لمن يرون أنه إعاقة إنما يحشد القدرة والكفاءة لاستشعار ما لا نستشعره نحن المبصرون للنور، فكلّ الألوان والأشكال والأحجام وسمات الجمال والقبح تتساوى في الظلام تماما، وتفقد امتيازاتها الشكلية تأثيرها على تقييم الأشياء ليتبقى منها الجانب الروحي لا المادي، ففي الظلام لا يتبقى سوى معنى الشيء والذي يُكتسب من إحساس الإنسان بأرواح الأشياء لا بمظهرها المادي، هذا ما يُمكن تسميته بـ"البصيرة ". وأعتقد أن كثيرين سمعوا بهذه الكلمة ولا يدركون جوهرها المتمثل بـ "قوة الإدراك والفطنة لمعاني الأشياء الباطنة"، وهذه الميزة يُدركها فاقدو البصر، فهم يرون نورا يفتقده كثيرون من المُبصرين ممن يعيشون حياة مضيئة لكنهم لا يرون سوى الظلام.
وبعيدا عن التعقيد، ففاقدو البصر حقا لا يرون النور، لكن قلوبهم تراه وتستشعره في كنه المحيط بهم وتفاصيله، فيما لا يعرف ذلك كثيرون ممن يمتلكون البصر، لأنهم يقعون تحت تأثير المظاهر الخارجية التي قد تلوث رؤيتهم لمعاني الأشياء، خاصة حين يتم تأجير العقل أو تعطيله فيموت القلب، ألم يقل الله تعالى: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
وبصدق، من يرغب في إدراك ما أقوله هنا، فليفعل كما أفعل أحيانا قليلة، آخذ من وقتي نصف ساعة إلى ساعة تقريبا في مكتبي "البيتوتي" في الظلام، رابطة على عيني بقطعة قماش سوداء، ومع قهوتي وقطعة شوكولاته أحاول تأمل ما لا يُرى في الضوء، وستجدون أن طعم القهوة وقطعة الشوكولاته وكل التفاصيل حولكم قد اختلفت، بمعنى أوضح محاولة إحياء القلب للإحساس بروح الأشياء التي أفسد الضوء معناها
مواضيع مماثلة
» الممثل الإقليمي لشؤون اللاجئين: المملكة كفلت الحياة الكريمة للسوريين كأخوة
» افتراضي قيمة الحياة .. قيمة الوقت ,,
» سافر ياصبري هذه الحياة من طفوله الى مراهقة ومنها شباب والى شيبان .. سافر ياصبري هذه هي الدنيا ياما فرقت محبين ، وابعدت غاليين .. سافر ياصبري .. في ناس عشقت السفر من ظلم البشر .. عدت ايام قليله فيها لعبنا معك ومنها ما اكتفينا ، يكفي انك تركت لنا ذكريا
» افتراضي قيمة الحياة .. قيمة الوقت ,,
» سافر ياصبري هذه الحياة من طفوله الى مراهقة ومنها شباب والى شيبان .. سافر ياصبري هذه هي الدنيا ياما فرقت محبين ، وابعدت غاليين .. سافر ياصبري .. في ناس عشقت السفر من ظلم البشر .. عدت ايام قليله فيها لعبنا معك ومنها ما اكتفينا ، يكفي انك تركت لنا ذكريا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أكتوبر 07, 2024 9:32 am من طرف alMalki
» وصفة ذهبية.. بطل مجهول في قصة أسطورة رونالدو
الإثنين سبتمبر 30, 2024 6:12 am من طرف alMalki
» سوبر بالمر.. هل بدأ جوارديولا عض أصابع الندم؟
الإثنين سبتمبر 30, 2024 6:02 am من طرف alMalki
» رابطة البريميرليغ تحسم الجدل في مشاجرة هالاند وغابرييل
الأحد سبتمبر 29, 2024 11:01 am من طرف alMalki
» عليك تذكرها عندما يخذلك الآخرون
الأحد سبتمبر 29, 2024 9:45 am من طرف alMalki
» "أتفرج على الحلاوة".. حجازي متقال يشعل حفل السوبر الأفريقي
السبت سبتمبر 28, 2024 4:18 am من طرف alMalki
» تجنبوا التوتر.. "النمر": تناول المكملات ضروري و5 نصائح لحياة صحية خالية من الأمراض
الخميس سبتمبر 26, 2024 6:52 pm من طرف alMalki
» أسباب الدوخة والنعاس بعد الأكل
الخميس سبتمبر 12, 2024 4:09 pm من طرف alMalki
» لماذا خشي ناغلسمان رحيل تير شتيغن عن ألمانيا قبل "يورو 2024"؟
الثلاثاء سبتمبر 10, 2024 10:24 am من طرف alMalki